دخول
مواضيع مماثلة
صفحتنا على فيس بوك
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 423 بتاريخ الجمعة أكتوبر 25, 2024 2:31 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 423 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو جلال العبيدي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 11905 مساهمة في هذا المنتدى في 2931 موضوع
بحـث
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
السفر عبر الزمن
صفحة 1 من اصل 1
السفر عبر الزمن
الخيارات المتاحة: بسرعة الضوء ام عبر الثقب الاسود؟
ثمة الكثير من الاشكالات العلمية والتقنية والفلسفية التي تحيط بفكرة صناعة 'آلة الزمن'، لكن احدا لا يمكنه ان يجزم باستحالتها.
بقلم: اياد العطار
مخترع غريب الأطوار ماتت حبيبته في حادث فصنع من أجلها آلة عجيبة سافر بها الى الماضي على أمل ان يعيد الحياة إليها عن طريق تغيير الأحداث التي أدت إلى موتها، لكنه سرعان ما يكتشف بأن تغيير القضاء والقدر مهمة مستحيلة.
هذه الحبكة الخيالية مستمدة من رواية شهيرة أصبحت موضوعا لعدة أفلام طالما أثارت في نفوس مشاهديها سؤالا محيرا وهو: هل بالإمكان حقا السفر عبر الزمن؟
النظريات العلمية تقول نعم! اما الفلاسفة فيردون ساخرين: كيف أعود الى الماضي البعيد وأنا لم اخلق بعد وكيف أسافر الى المستقبل وهو لم يقع بعد؟ رد وجيه لكنه مثل أغلب أجوبة الفلاسفة لا يزيد اللغز الا تعقيدا.
السفر عبر الزمان هو حلم راود الكثيرين وكان موضوعا خصبا للعديد من روايات الخيال العلمي، ولعل أشهرها في هذا المجال هي رواية آلة الزمن The Time Machine التي ألفها هيربرت ويلز عام 1895 وتدور قصتها حول مخترع شاب غريب الأطوار ماتت حبيبته في حادث فصنع من أجلها آلة عجيبة سافر بها الى الماضي على أمل ان يعيد الحياة إليها عن طريق تغيير الأحداث التي أدت الى موتها، لكنه سرعان ما يكتشف بأن تغيير القضاء والقدر مهمة مستحيلة فيقرر عوضا عن ذلك الانطلاق في رحلة الى المستقبل.
وقد وجدت السينما في هذه القصة وغيرها من الروايات التي تتحدث عن السفر عبر الزمن موضوعا شيقا للعديد من الأفلام الخيالية التي نشاهد البطل فيها ينتقل من زمن الى آخر أحيانا بواسطة آلة ميكانيكية معقدة ومتطورة، وأحيانا أخرى بصورة مبسطة حيث ينام البطل او يسقط في مكان ما ليجد نفسه في زمان وبعد آخر. ورغم ان اغلب القصص والروايات التي تناولت هذا الموضوع تم تأليفها في الغرب، إلا ان حكايات الشرق لم تخلوا من فكرة مشابهة، أي الانتقال الى زمن أخر، مثل قصة أصحاب الكهف التي ذكرت في القرآن الكريم حيث يختبئ عدد من الرجال في كهف فيغلبهم النعاس وينامون لعدة قرون ثم يستيقظون في عصر وزمان ثان في المستقبل فيثيرون تعجب الناس ودهشتهم بسبب أزيائهم ونقودهم القديمة. وفي التراث الشعبي العربي هناك حكاية الرجل الذي ينام في بقعة خالية ثم يستيقظ ليجد أمامه مدينة عامرة بالسكان ويكتشف لاحقا بأنها مدينة مسحورة او ملعونة لا تظهر إلا مرة واحدة كل مئة عام.
لقرون طويلة ظل موضوع السفر عبر الزمن مقصورا على الروايات والقصص الخيالية، لكن في مطلع القرن العشرين نشر ألبرت اينشتاين نظريته النسبية الخاصة وألحقها بالنسبية العامة (1) بعد عدة سنوات. وقد قلبت هذه النظرية الكثير من مفاهيم ومبادئ علم الفيزياء والفلك رأسا على عقب. فمنذ آلاف السنين تعامل الإنسان مع ثلاثة أبعاد مكانية ملموسة لتحديد مواقع الأشياء وحساب المسافات التي تفصل بينها، وهذه الأبعاد هي الطول والعرض والارتفاع، لكن اينشتاين أضاف بعدا رابعا هو الزمن، وهو حسب نظريته ليس شيئا ثابتا كما تعودنا عليه دائما بل هو نسبي قابل للتغير. فكلما اقتربت سرعة جسم ما من سرعة الضوء تباطأ الزمن بالنسبة إليه، أي ان الشخص الذي يسافر في مركبة فضائية متطورة بسرعة تقارب سرعة الضوء (186000 ميل في الثانية) سيمر عليه الزمن بصورة أبطأ من الشخص الذي يعيش على الأرض.
وعلى هذا الأساس فالسفر عبر الزمن ممكن نظريا، فلكي يسافر شخص ما الى المستقبل ما عليه الا ان يذهب برحلة فضائية بسرعة الضوء ثم يعود بعد عدة سنوات ليرى الأرض وقد مر عليها عشرات السنين بينما لم يزداد عمره هو الا سنوات قليلة!
لكن ماذا لو لم يعجب المستقبل مسافرنا الفضائي؟ ماذا لو وجد الأرض بعد مئة سنة وقد تضاعف عدد سكانها وشحت مواردها وازدادت الحروب والمجاعات عليها، سيندم حتما على سفرته ويتمنى لو يستطيع العودة الى الماضي وهو أمر ممكن أيضا من الناحية النظرية، وكل ما سيحتاجه المسافر الفضائي للقيام برحلة كهذه هو الانطلاق بمركبته الفضائية بسرعة تفوق سرعة الضوء، حينها سيبدأ الزمن بالتباطؤ إلى درجة انه سيعود القهقرى إلى الماضي.
لكن بما ان السير بسرعة الضوء تكاد تكون مهمة مستحيلة في المستقبل القريب، فأسرع مركبات البشر الفضائية لم تتجاوز سرعتها عدة كيلومترات في الثانية، لذلك فتش العلماء عن طرق أخرى للسفر عبر الزمن ووجدوا ضالتهم في الثقوب السوداء Black Holes التي هي عبارة عن أشباح لنجوم ميتة انسحقت كتلتها وتكاثفت حتى تحولت الى أجرام صغيرة جدا لكنها ذات جاذبية هائلة لا يفلت أي شيء يمر بها من قبضتها فهي تبتلع حتى الضوء وتؤثر على حركة الأجرام القريبة منها. ويعتقد بعض العلماء بأن هناك نوع من الثقوب السوداء تسمى الثقوب الدوارة اذا تمكن جسم ما من الدخول اليها واستطاع بطريقة ما المرور عبرها من دون ان يسحق في نواتها فأنه على الأرجح سيخرج من الجهة الأخرى الى بعد وزمن اخر. لكن هذه النظرية تبقى في الحقيقة حبرا على ورق بسبب ان العلماء لا يعلمون حتى الان على وجه الدقة ماذا يحدث داخل الثقوب السوداء ناهيك عن القيام برحلة الى داخلها.
هناك نظرية أخرى تقترح استعمال الخيوط او الأوتار الكونية للسفر عبر الزمن. ويقول العلماء بأن هذه الخيوط تخلفت عن الانفجار الكوني العظيم الذي يعتقد ان الكون نشأ عنه وان هذه الخيوط تمتد لمسافات طويلة عبر الكون وان تقاطع اثنين منها معا يولد طاقة كبيرة يمكن ان تؤدي إلى انحناء "الزمان - مكان" وبالتالي تتيح إمكانية السفر عبر الزمن. لكن مشكلة هذه النظرية تكمن في الكيفية التي سيتمكن بها الإنسان من الولوج الى داخل هذه الخيوط الكونية فهو يفتقد التقنية المتطورة والطاقة الهائلة التي يحتاجها للقيام بعمل كهذا.
وثمة نظريات أخرى لكنها جميعها تبقى مجرد أفكار ومعادلات رياضية تقبع في رؤوس العلماء وقد لا يتمكن الإنسان من تحقيقها أبدا. الا ان هذه النظريات تتفق جميعها على ان الانتقال عبر نقاط زمنية مختلفة بين الماضي والمستقبل هو أمر ممكن وقد اثبت العلماء صحة ذلك عن طريق قياس الزمن على المركبات الفضائية التي ذهبت في مهمات خارج الأرض ومقارنته مع الزمن الأرضي. ورغم ان فارق الزمن الذي حصل العلماء عليه كان بسيطا جدا، نظرا لبطء السفن الفضائية الحالية، لكنه كان كافيا لإثبات صحة نظرية أينشتاين حول نسبية الزمان.
موضوع السفر عبر الزمان لم يثر علماء الفيزياء والفلك فقط ولم يتوقف عند مشكلة الطريقة او التقنية التي ستمكن الإنسان من القيام بهكذا رحلات ولكنه تعداها إلى أسئلة أخرى أثارها عدد من الفلاسفة وعجز العلماء عن تقديم الرد والجواب الشافي لها. إحدى ابرز هذه الأسئلة هي ما سميت بـ "مفارقة الجد" والتي يفترض الفلاسفة فيها إمكانية السفر عبر الزمن ويفترضون ان شخصا ما استطاع العودة إلى الماضي ثم قام بقتل جده قبل ان يلتقي ويتزوج بجدته ولذلك فأن أبوه لن يولد أبدا وبالتالي فهو أيضا لن يولد وعليه فأنه لن يتمكن من القيام بسفرة إلى الماضي لأنه أصلا غير موجود في المستقبل. أحجية عجيبة حقا، تبدو أشبه بأحجية البيضة والدجاجة وهي تنسف إمكانية السفر الزمني من الأساس. فرغم ان علماء الفلك والفيزياء هم عباقرة بلا شك في مجال القوانين والمعادلات الرياضية التي تتطلب ذكاء خارقا، الا أنهم وقفوا عاجزين أمام هذا السؤال الفلسفي البسيط الذي اتخذه الفلاسفة كحجة ودليل على استحالة السفر عبر الزمن، كما أن فريق الفلاسفة طرحوا سؤالا أخر لا يقل إشكالا وجدلية عن سابقه، وهو انه إذا كانت إمكانية السفر عبر الزمن ممكنة حقا فلماذا لم يأت احد من المستقبل لحد الآن، فالبشرية ستبلغ حتما درجة كبيرة من التطور في المستقبل مما يمكن الإنسان من السفر عبر الزمن، لكننا لم نشاهد حتى الآن مسافرين قادمين من المستقبل ليزوروا عصرنا الحالي؟
طبعا العلماء المؤيدون لفكرة السفر عبر الزمن لم يجلسوا صامتين وهم يرون الفلاسفة يمطروهم بوابل من الأسئلة المحرجة بل حاولوا تقديم بعض الإجابات والحلول لهذه الأسئلة، ومن ابرز هذه الحلول هي نظرية الكون او البعد الموازي التي تفترض بأن لكل بعد زمني أحداثه الخاصة به التي لا يمكن لشخص قادم من بعد او زمن أخر تغييرها، أي انها أشبه ما تكون بفكرة القدر والحتمية. وهكذا فأن ما يسمى بـ "مفارقة الجد" لا يمكن ان تحدث لأن الإنسان قد يتمكن من السفر الى بعد زمني أخر لكنه لن يمتلك القدرة على التأثير به او تغيير أحداثه.
أما بالنسبة للمسافرين القادمين من المستقبل فأن بعض العلماء لا ينفون إمكانية ان يكون هناك أشخاص في عالمنا وعصرنا الحالي قادمون من المستقبل لكنهم متخفون ولا يعلنون عن أنفسهم وذلك لأن بشر المستقبل سيكونون على مستوى راق من التقدم والتحضر وسيكونون أكثر إنسانية وأكثر مسؤولية تجاه أفعالهم لذلك لن يقوم هؤلاء المسافرون المستقبليون بالإعلان عن أنفسهم كما أنهم لن يقوموا بأي عمل من اجل محاولة تغيير الماضي بل سيكتفون بالمراقبة، أي ان الأمر بالنسبة لهم هو أشبه بمشاهدة فلم سينمائي. وهناك فرضية أخرى تدعي ان إمكانية السفر عبر الزمان لن تكون متاحة ما لم تتوصل البشرية إلى التقنية التي تمكنها من القيام بهكذا سفرات، اي ان المسافرين القادمين من المستقبل لن يستطيعوا ان يأتوا الى عصرنا الحالي ما لم نقوم نحن أولا بفتح الفجوة الزمنية التي تمكنهم من القيام بهذه الرحلة.
عمليا لا تبدو هناك أي فرصة للقيام برحلة زمنية في المنظور القريب ولا يعلم سوى الله وحده متى ستتمكن البشرية من الوصول إلى درجة من التطور تمكنها من القيام بهكذا رحلات، لكن عمليا فنحن جميعا مسافرون عبر الزمن يمضي بنا مسرعا بواسطة مركبة أزلية اسمها العمر وقودها الأيام والسنين، وهي رحلة حتمية يقوم بها كل إنسان مرة واحدة في حياته وتكون دوما باتجاه واحد الى الأمام، وقد يكون كبار السن هم الأكثر إدراكا بمدى سرعة وقصر هذه الرحلة، وهم أيضا اشد الناس شوقا لآلة زمنية تعيدهم إلى أيام الصبا والشباب لكنهم يدركون بأنها أمنية بعيدة المنال لذلك تراهم يكتفون بترديد قول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما .. فاخبره بما فعل المشيب
ثمة الكثير من الاشكالات العلمية والتقنية والفلسفية التي تحيط بفكرة صناعة 'آلة الزمن'، لكن احدا لا يمكنه ان يجزم باستحالتها.
بقلم: اياد العطار
مخترع غريب الأطوار ماتت حبيبته في حادث فصنع من أجلها آلة عجيبة سافر بها الى الماضي على أمل ان يعيد الحياة إليها عن طريق تغيير الأحداث التي أدت إلى موتها، لكنه سرعان ما يكتشف بأن تغيير القضاء والقدر مهمة مستحيلة.
هذه الحبكة الخيالية مستمدة من رواية شهيرة أصبحت موضوعا لعدة أفلام طالما أثارت في نفوس مشاهديها سؤالا محيرا وهو: هل بالإمكان حقا السفر عبر الزمن؟
النظريات العلمية تقول نعم! اما الفلاسفة فيردون ساخرين: كيف أعود الى الماضي البعيد وأنا لم اخلق بعد وكيف أسافر الى المستقبل وهو لم يقع بعد؟ رد وجيه لكنه مثل أغلب أجوبة الفلاسفة لا يزيد اللغز الا تعقيدا.
السفر عبر الزمان هو حلم راود الكثيرين وكان موضوعا خصبا للعديد من روايات الخيال العلمي، ولعل أشهرها في هذا المجال هي رواية آلة الزمن The Time Machine التي ألفها هيربرت ويلز عام 1895 وتدور قصتها حول مخترع شاب غريب الأطوار ماتت حبيبته في حادث فصنع من أجلها آلة عجيبة سافر بها الى الماضي على أمل ان يعيد الحياة إليها عن طريق تغيير الأحداث التي أدت الى موتها، لكنه سرعان ما يكتشف بأن تغيير القضاء والقدر مهمة مستحيلة فيقرر عوضا عن ذلك الانطلاق في رحلة الى المستقبل.
وقد وجدت السينما في هذه القصة وغيرها من الروايات التي تتحدث عن السفر عبر الزمن موضوعا شيقا للعديد من الأفلام الخيالية التي نشاهد البطل فيها ينتقل من زمن الى آخر أحيانا بواسطة آلة ميكانيكية معقدة ومتطورة، وأحيانا أخرى بصورة مبسطة حيث ينام البطل او يسقط في مكان ما ليجد نفسه في زمان وبعد آخر. ورغم ان اغلب القصص والروايات التي تناولت هذا الموضوع تم تأليفها في الغرب، إلا ان حكايات الشرق لم تخلوا من فكرة مشابهة، أي الانتقال الى زمن أخر، مثل قصة أصحاب الكهف التي ذكرت في القرآن الكريم حيث يختبئ عدد من الرجال في كهف فيغلبهم النعاس وينامون لعدة قرون ثم يستيقظون في عصر وزمان ثان في المستقبل فيثيرون تعجب الناس ودهشتهم بسبب أزيائهم ونقودهم القديمة. وفي التراث الشعبي العربي هناك حكاية الرجل الذي ينام في بقعة خالية ثم يستيقظ ليجد أمامه مدينة عامرة بالسكان ويكتشف لاحقا بأنها مدينة مسحورة او ملعونة لا تظهر إلا مرة واحدة كل مئة عام.
لقرون طويلة ظل موضوع السفر عبر الزمن مقصورا على الروايات والقصص الخيالية، لكن في مطلع القرن العشرين نشر ألبرت اينشتاين نظريته النسبية الخاصة وألحقها بالنسبية العامة (1) بعد عدة سنوات. وقد قلبت هذه النظرية الكثير من مفاهيم ومبادئ علم الفيزياء والفلك رأسا على عقب. فمنذ آلاف السنين تعامل الإنسان مع ثلاثة أبعاد مكانية ملموسة لتحديد مواقع الأشياء وحساب المسافات التي تفصل بينها، وهذه الأبعاد هي الطول والعرض والارتفاع، لكن اينشتاين أضاف بعدا رابعا هو الزمن، وهو حسب نظريته ليس شيئا ثابتا كما تعودنا عليه دائما بل هو نسبي قابل للتغير. فكلما اقتربت سرعة جسم ما من سرعة الضوء تباطأ الزمن بالنسبة إليه، أي ان الشخص الذي يسافر في مركبة فضائية متطورة بسرعة تقارب سرعة الضوء (186000 ميل في الثانية) سيمر عليه الزمن بصورة أبطأ من الشخص الذي يعيش على الأرض.
وعلى هذا الأساس فالسفر عبر الزمن ممكن نظريا، فلكي يسافر شخص ما الى المستقبل ما عليه الا ان يذهب برحلة فضائية بسرعة الضوء ثم يعود بعد عدة سنوات ليرى الأرض وقد مر عليها عشرات السنين بينما لم يزداد عمره هو الا سنوات قليلة!
لكن ماذا لو لم يعجب المستقبل مسافرنا الفضائي؟ ماذا لو وجد الأرض بعد مئة سنة وقد تضاعف عدد سكانها وشحت مواردها وازدادت الحروب والمجاعات عليها، سيندم حتما على سفرته ويتمنى لو يستطيع العودة الى الماضي وهو أمر ممكن أيضا من الناحية النظرية، وكل ما سيحتاجه المسافر الفضائي للقيام برحلة كهذه هو الانطلاق بمركبته الفضائية بسرعة تفوق سرعة الضوء، حينها سيبدأ الزمن بالتباطؤ إلى درجة انه سيعود القهقرى إلى الماضي.
لكن بما ان السير بسرعة الضوء تكاد تكون مهمة مستحيلة في المستقبل القريب، فأسرع مركبات البشر الفضائية لم تتجاوز سرعتها عدة كيلومترات في الثانية، لذلك فتش العلماء عن طرق أخرى للسفر عبر الزمن ووجدوا ضالتهم في الثقوب السوداء Black Holes التي هي عبارة عن أشباح لنجوم ميتة انسحقت كتلتها وتكاثفت حتى تحولت الى أجرام صغيرة جدا لكنها ذات جاذبية هائلة لا يفلت أي شيء يمر بها من قبضتها فهي تبتلع حتى الضوء وتؤثر على حركة الأجرام القريبة منها. ويعتقد بعض العلماء بأن هناك نوع من الثقوب السوداء تسمى الثقوب الدوارة اذا تمكن جسم ما من الدخول اليها واستطاع بطريقة ما المرور عبرها من دون ان يسحق في نواتها فأنه على الأرجح سيخرج من الجهة الأخرى الى بعد وزمن اخر. لكن هذه النظرية تبقى في الحقيقة حبرا على ورق بسبب ان العلماء لا يعلمون حتى الان على وجه الدقة ماذا يحدث داخل الثقوب السوداء ناهيك عن القيام برحلة الى داخلها.
هناك نظرية أخرى تقترح استعمال الخيوط او الأوتار الكونية للسفر عبر الزمن. ويقول العلماء بأن هذه الخيوط تخلفت عن الانفجار الكوني العظيم الذي يعتقد ان الكون نشأ عنه وان هذه الخيوط تمتد لمسافات طويلة عبر الكون وان تقاطع اثنين منها معا يولد طاقة كبيرة يمكن ان تؤدي إلى انحناء "الزمان - مكان" وبالتالي تتيح إمكانية السفر عبر الزمن. لكن مشكلة هذه النظرية تكمن في الكيفية التي سيتمكن بها الإنسان من الولوج الى داخل هذه الخيوط الكونية فهو يفتقد التقنية المتطورة والطاقة الهائلة التي يحتاجها للقيام بعمل كهذا.
وثمة نظريات أخرى لكنها جميعها تبقى مجرد أفكار ومعادلات رياضية تقبع في رؤوس العلماء وقد لا يتمكن الإنسان من تحقيقها أبدا. الا ان هذه النظريات تتفق جميعها على ان الانتقال عبر نقاط زمنية مختلفة بين الماضي والمستقبل هو أمر ممكن وقد اثبت العلماء صحة ذلك عن طريق قياس الزمن على المركبات الفضائية التي ذهبت في مهمات خارج الأرض ومقارنته مع الزمن الأرضي. ورغم ان فارق الزمن الذي حصل العلماء عليه كان بسيطا جدا، نظرا لبطء السفن الفضائية الحالية، لكنه كان كافيا لإثبات صحة نظرية أينشتاين حول نسبية الزمان.
موضوع السفر عبر الزمان لم يثر علماء الفيزياء والفلك فقط ولم يتوقف عند مشكلة الطريقة او التقنية التي ستمكن الإنسان من القيام بهكذا رحلات ولكنه تعداها إلى أسئلة أخرى أثارها عدد من الفلاسفة وعجز العلماء عن تقديم الرد والجواب الشافي لها. إحدى ابرز هذه الأسئلة هي ما سميت بـ "مفارقة الجد" والتي يفترض الفلاسفة فيها إمكانية السفر عبر الزمن ويفترضون ان شخصا ما استطاع العودة إلى الماضي ثم قام بقتل جده قبل ان يلتقي ويتزوج بجدته ولذلك فأن أبوه لن يولد أبدا وبالتالي فهو أيضا لن يولد وعليه فأنه لن يتمكن من القيام بسفرة إلى الماضي لأنه أصلا غير موجود في المستقبل. أحجية عجيبة حقا، تبدو أشبه بأحجية البيضة والدجاجة وهي تنسف إمكانية السفر الزمني من الأساس. فرغم ان علماء الفلك والفيزياء هم عباقرة بلا شك في مجال القوانين والمعادلات الرياضية التي تتطلب ذكاء خارقا، الا أنهم وقفوا عاجزين أمام هذا السؤال الفلسفي البسيط الذي اتخذه الفلاسفة كحجة ودليل على استحالة السفر عبر الزمن، كما أن فريق الفلاسفة طرحوا سؤالا أخر لا يقل إشكالا وجدلية عن سابقه، وهو انه إذا كانت إمكانية السفر عبر الزمن ممكنة حقا فلماذا لم يأت احد من المستقبل لحد الآن، فالبشرية ستبلغ حتما درجة كبيرة من التطور في المستقبل مما يمكن الإنسان من السفر عبر الزمن، لكننا لم نشاهد حتى الآن مسافرين قادمين من المستقبل ليزوروا عصرنا الحالي؟
طبعا العلماء المؤيدون لفكرة السفر عبر الزمن لم يجلسوا صامتين وهم يرون الفلاسفة يمطروهم بوابل من الأسئلة المحرجة بل حاولوا تقديم بعض الإجابات والحلول لهذه الأسئلة، ومن ابرز هذه الحلول هي نظرية الكون او البعد الموازي التي تفترض بأن لكل بعد زمني أحداثه الخاصة به التي لا يمكن لشخص قادم من بعد او زمن أخر تغييرها، أي انها أشبه ما تكون بفكرة القدر والحتمية. وهكذا فأن ما يسمى بـ "مفارقة الجد" لا يمكن ان تحدث لأن الإنسان قد يتمكن من السفر الى بعد زمني أخر لكنه لن يمتلك القدرة على التأثير به او تغيير أحداثه.
أما بالنسبة للمسافرين القادمين من المستقبل فأن بعض العلماء لا ينفون إمكانية ان يكون هناك أشخاص في عالمنا وعصرنا الحالي قادمون من المستقبل لكنهم متخفون ولا يعلنون عن أنفسهم وذلك لأن بشر المستقبل سيكونون على مستوى راق من التقدم والتحضر وسيكونون أكثر إنسانية وأكثر مسؤولية تجاه أفعالهم لذلك لن يقوم هؤلاء المسافرون المستقبليون بالإعلان عن أنفسهم كما أنهم لن يقوموا بأي عمل من اجل محاولة تغيير الماضي بل سيكتفون بالمراقبة، أي ان الأمر بالنسبة لهم هو أشبه بمشاهدة فلم سينمائي. وهناك فرضية أخرى تدعي ان إمكانية السفر عبر الزمان لن تكون متاحة ما لم تتوصل البشرية إلى التقنية التي تمكنها من القيام بهكذا سفرات، اي ان المسافرين القادمين من المستقبل لن يستطيعوا ان يأتوا الى عصرنا الحالي ما لم نقوم نحن أولا بفتح الفجوة الزمنية التي تمكنهم من القيام بهذه الرحلة.
عمليا لا تبدو هناك أي فرصة للقيام برحلة زمنية في المنظور القريب ولا يعلم سوى الله وحده متى ستتمكن البشرية من الوصول إلى درجة من التطور تمكنها من القيام بهكذا رحلات، لكن عمليا فنحن جميعا مسافرون عبر الزمن يمضي بنا مسرعا بواسطة مركبة أزلية اسمها العمر وقودها الأيام والسنين، وهي رحلة حتمية يقوم بها كل إنسان مرة واحدة في حياته وتكون دوما باتجاه واحد الى الأمام، وقد يكون كبار السن هم الأكثر إدراكا بمدى سرعة وقصر هذه الرحلة، وهم أيضا اشد الناس شوقا لآلة زمنية تعيدهم إلى أيام الصبا والشباب لكنهم يدركون بأنها أمنية بعيدة المنال لذلك تراهم يكتفون بترديد قول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما .. فاخبره بما فعل المشيب
awwad.AD- مدمن فن
- أشجع :
الابراج : عدد المساهمات : 587
درجات : 6646
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 11/07/2009
العمر : 31
بطاقة الشخصية
الطاقة:
(1/1)
مواضيع مماثلة
» أخاديد الزمن
» أقوال تغيرت مع الزمن يا خسارة....
» نواعير سوريا تروي قصة اختراع أول تقنية مائية لاتزال صامدة أمام الزمن
» أقوال تغيرت مع الزمن يا خسارة....
» نواعير سوريا تروي قصة اختراع أول تقنية مائية لاتزال صامدة أمام الزمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أكتوبر 16, 2014 12:42 am من طرف منار
» أجمل حب
الإثنين أكتوبر 29, 2012 2:38 am من طرف شامخ كياني لأني يماني
» اصنع تحولا في العلاقة
الأحد أكتوبر 28, 2012 10:03 am من طرف شامخ كياني لأني يماني
» إذ كنت وحيدا أتجول
الأحد أكتوبر 28, 2012 8:06 am من طرف شامخ كياني لأني يماني
» إلى فؤادي
الأحد أكتوبر 28, 2012 6:25 am من طرف شامخ كياني لأني يماني
» العنقاء - الماغوط
الخميس ديسمبر 15, 2011 1:17 am من طرف ammushi
» رسم الاذن والعين و الانف
الأحد ديسمبر 11, 2011 1:44 am من طرف wazirwalid
» طريق النحل
الجمعة نوفمبر 25, 2011 8:14 am من طرف علاء 2011
» أخطاء السيناريو الشائعة
الجمعة نوفمبر 18, 2011 9:14 am من طرف علاء 2011
» سونيت 95....وليم شكسبير
الجمعة نوفمبر 18, 2011 8:55 am من طرف علاء 2011
» عناوين للروح خارج هذا المكان
الجمعة نوفمبر 18, 2011 8:49 am من طرف علاء 2011
» ثلاث صور
الجمعة نوفمبر 18, 2011 8:46 am من طرف علاء 2011
» قصيدة الحزن
الجمعة نوفمبر 18, 2011 8:30 am من طرف علاء 2011
» اللجوء بقلم نزار قباني
الجمعة نوفمبر 18, 2011 8:24 am من طرف علاء 2011