تصفية أبو عصام على الطريقة العكاشية

تصفية أبو عصام على الطريقة العكاشية
كم كنت مسروراً وأنا أصل إلى الحلقات الأخيرة من مسلسل باب الحارة الجزء الثاني , لأنتهي من ثرثرات أثقلت مسامعنا جميعاً, ولكنه الفضول ما دفعني للمتابعة . لكن الصدمة جاءت بالإعلان عن جزء ثالث سيفتح فيه باب الحارة من جديد ، وجميع التكهنات تدور في كيفية ما ستكون عليه هذه الحارة في عامها الثالث . أثير خبر أن العقيد سينسى عزوبيته ويعلن اقترانه بـ فريال صاحبة الجزء الأكبر من استفزاز الأعصاب في الجزء الثاني ، وهذا بالخبر السعيد فيجب أن يكون باب الحارة في جزئه الرابع من بطولة شهاب إذا قدر الله , وسيجد أبو شهاب نفسه مع بداية الجزء الرابع في جنازة مهيبة يحضرها الفران بشير وصاحب المقهى حاتم ، وسنبحث كثيراً بين طيات الحلقات عمن يمكنها منافسة فريال ـ التي ستكون قد انتقلت إلى باريها ـ فلن نجد . المروع في الأمر ما سمعناه مؤخراً عن تغييب أهم شخصيات الحارة ألا وهي شخصية ( أبو عصام ) حكيمها وكاتم أسرارها , والورع دائماً للدفاع عنها مما يحاك ضدها من تآمر .
لست بوارد الدفاع عن شخصية ما في هذا العمل الذي غرق في التفاصيل المملة أكثر منها في الأحداث الأكثر أهمية وإليكم الدليل , لقد استغرق مشهد ( اللحم بعجين ) ربع مدة الحلقة , في حين تخليص أبو شهاب ورفاقه من الأسر لم نره إطلاقاً , السؤال :أين رصد الحركة الثورية التي قادها أبو عصام أثناء أسر أبو شهاب ؟ كما أسلفت كنت مترقباً لأن تطوى صفحة باب الحارة , ولكن ما حدث يدعو للغرابة , لقد اغتيل أبو عصام بقرار إنتاجي لم يعلن عن حقيقته الحقيقية ، بقدر ما اختبأ القائمون على العمل بوضع الكرة في ملعب الكاتب الذي أراد لجزئه الثالث أن يبدأ تراجيدياً بجنازة لأبي عصام. أسئلة كثيرة تجد نفسها حاضرة للإجابة عنها . كيف ستكون عليه حارة( الضبع )؟
من المؤسف أن تصل الأمور إلى حد التباري و الاختيار , فإما أن تعمل معي وإلا لا مكان لك بيننا
هذا ما أتوقع أنه حدث بين الفنان "عباس النوري" والجهة المنتجة للجزء الثالث والتي هي بطبيعة الحال جديدة , وهذا العمل باكورة إنتاجها وهي شركة ميسلون والقائم عليها المخرج بسام الملا .
كما هو معروف فإن الفنان عباس النوري قام بإنتاج مسلسل على شاكلة باب الحارة تحت اسم أولاد القيمرية ، ولأن العملين يمتلكان نفس الرائحة الشامية بكل مفرداتها ، بدأ الخلاف ، وأقصي النوري من الدور الثاني لثلاثية باب الحارة، فهل يتوقع القائمون على المسلسل الأشهر في العام الفائت أن يكون أولاد القيمرية أشد بأساً من أولاد حارة الضبع ، على اعتبار أن شخصيات الحارة باتت معروفة ؟ فما الذي سيفاجئنا به أولاد القيمرية ؟ وهل أصبحت هذه الأعمال حكراً على شخص حتى يدعى (أبو الشاميات ) وأقصد هنا المخرج بسام الملا ، والذي هو بحق ممسك وبقوة زمام اللعب في ميدان الشاميات أكثر من غيره , ومثالنا على عدم قبول الجمهور العربي هو مسلسل جرن الشاويش
الذي تاه ولم يجد طريقاً إلى قلوب المشاهدين . ما يهمنا هو ما يحدث، وأن الذي يحدث ما كان يجب أن يحدث ، وهذا ليس من باب الفرض ، ولكن من باب الأمانة للشام ، فلا يجب تغييب شخصية مهمة هكذا وبالمجان. سأخوض في جانب أكثر خصوصية ، لقد تحدث البعض من متابعي باب الحارة عن لعبة ذكية مخفية بين الأسطر ، والكل أشار لشخصية أبي عصام على أنها الشخصية الممانعة , الرافضة ، التي تحملت وزر كل ما أحاطها من سوء فهم ، وعلى وجه الخصوص ممن هم أبناء حارة واحدة ، أبو عصام يرسم مشهداً عربياً صرفاً ، هو الذي دعم مقاومة أبو شهاب ، هو الذي تحملت كيل الاتهامات لأنه يريد الوصول إلى حقيقة من يريد بالحارة شراً ، هو الذي مورست ضده مقاطعة أهل الحارة لأنهم وضعوا رؤوسهم كالنعام في الرمل ، هو المسامح , الطبيب ، الأب الورع على أبنائه , وحارته ، هو الذي آخى بين الحارتين لمواجهة همّ أكبر يحيق بهم .هل يجب لمثل هذه الشخصية أن تغيب عن الحارة وفي هذه الطريقة الباهتة ؟ إن كان الكاتب قد قرر ذلك من تلقاء نفسه
فأقول له خاب ظنك ، أما أن يكون قد رضخ لطلب الجهة المنتجة ، فما هكذا يكتب الكتاب .
مما أسلفت ، لا أريد أن أدافع عن عباس النوري بشخصه ، بقدر ما أحاول أن أجد فناً في بلدي لا يشبه أحداً ، وإن أردتم خلق حالة دعائية للمسلسل , فهو ليس بحاجة لذلك ، ولكن لا تتمثلوا طريقة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة عندما أقصى لوسي بجرة قلم لمجرد أنها طلبت أجراً يتناسب والدور الذي تقوم به . ليس بوسعنا إلا قراءة الفاتحة على روح أبو عصام ، على أمل أن نلتقي عباس النوري في أولاد القيمرية متألقاً كعادته


محمد القصير mohaqaseer@gmail.com