كتاب من مدينتنا السلمية

كما عودتنا مدينتا العريقة السلمية ان تغنينا بافضل واذكى العقول اقدم لكم هذه المقالة بقلم ابن السلمية علي فوزي

<TABLE>

<TR>
<td width="100%">أثر البعوضة </TD>
<td align=right width="100%"></TD>
<td align=right width="100%"> </TD></TR></TABLE>
<TABLE>

<TR>
<td vAlign=top align=left width="70%" colSpan=2>بقلم: علي فوزي </TD></TR>
<TR>
<td vAlign=top colSpan=2>يشبه أثر البعوضة على نحو ما أثر الفراشة، ما افترضته نظرية الشواش (الفوضى)، وهي نظرية في عالم المناخ تقول: إن رفة فراشة في أحد أطراف الأرض يمكن أن تسبب إعصاراً عاتياً في الطرف الآخر منها. ما تريد أن تؤكده نظرية الشواس هو الترابط الوثيق بين عناصر عالمنا الطبيعي، إذ إن كل عنصر مهما بدا صغيراً يمكن أن يؤثر في العناصر الأكبر تأثيراً بليغاً وجليلاً. الشيء الآخر الذي تريد أن تقوله نظرية الشواش هو أننا لا نعلم. ولأن الإنسان عدو ما يجهل سأحدثكم بما أعلم، وهو أثر البعوضة. وقد نتج الأثر الأخير من تراكم النفايات الناتجة عن مدينتي بشكل هائل لتصبح مرتعاً مناسباً للبعوض. بل وصل الأمر إلى استقبال ضيوف أكثر ثقلاً كذبابة الرمل التي تسبب اللاشمانيا و(يا ما أحلى) البعوض وأثره أمامها.
ولكي تكتمل السلة تأتي المواد الصناعية والكيميائية، وما يرافقها من أجهزة كهربائية. والتي بدأت بالازدياد بشكل مخيف، وهي بمجملها مواد شديد السمية والخطورة، وأكثر ما يغيظ هو الصورة المطبوعة أو المحفورة على مثل هذه المادة، وهي صورة حاوية نفايات وعليها إشارة ضرب، أي ما معناه لا ترمها مع النفايات المنزلية العادية. وعندما ترى هذا الرمز تشتبك الأفكار في رأسك، ضارباً أخماسك بأسداسك، محاولاً تدبر ما يمكنك فعله أمام هذه المعضلة. ثم ينتقل الشواش من عقلك إلى جسدك فتبدأ (بالحوصان مثل الصيصان). والحل الوحيد الباقي أمامك هو أن ترمي بنفسك من النافذة، لأن ما تمسكه بيدك مع الكثير غيره مما تريد أن ترميه سيذهب لا محالة إلى الحرق ليطلق ما يطلقه من أبخرة سامة، وسيبقى جزء من مركباته الخبيثة في التربة، ويتسرب الباقي إلى المياه الجوفية. وحصية ما طار واستقر وغار، لا يقتصر أثره على المدى القصير (قصف العمر)، أو المتوسط (تقصير العمر) بل يتعداه إلى المدى الطويل، والدراسات أثبتت أن مثل هذه المواد يمكن أن تخلف وراءها جيلاً كاملاً من المشوّهين والمرضى العصبيين.
يعتقد من يعتقد ولأننا لا ننتمي إلى العالم الصناعي فنحن بمنأى عن التلوث الناتج عن الصناعات الكثيفة، وهو بالتأكيد اعتقاد خاطئ، فالغرب يملك قوانين وإجراءات تحاول ضبط وتنظيم ما ينتج من مخلفات ونفايات سامة. أما نحن فقد أصبحنا هدفاً لغزو جميع أنواع الملوثات الصناعية وبكثافة مخيفة، دون أن يكون لدينا فكرة عما يجب أن نفعله. وحتى هذه الفكرة عما يجب أن نفعله لا تنفع في كثير من الأحيان. وما حصل ويحصل في مدينتي سلمية أكبر دليل على ذلك. فقبل سنوات وفي الدورة الماضية للإدارة المحلية خرج علينا رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي ببشارة تتلخص بإقامة معمل لمعالجة النفايات، بمساعدة إحدى هيئات التعاون الدولية. تفاءلنا خيراً بعد أن سمعنا عن ملايين من هنا وأخرى من هناك، لينتهي الحديث عن المشروع الجديد فجأة كما بدأ. فيما بعد عرفنا مصادفة أن المعمل قد أنجز فعلاً دون أن يعرف أحد بأية آلية أو صيغة ولا كيف ولا أين ولا متى ولا لماذا افتتحوه؟ لتتكشف الأمور المتعلقة به شيئاً فشيئاً فطاقته الإنتاجية لا تغطي سوى جزء صغير مما ينتج من نفايات، والأسوأ أنه جُرِّب لمرة واحدة ثم عض على لسانه واتكأ ليتحول إلى قاع صفصف تعبث فيه الرياح وأيدي اللصوص.
فيما مضى كنا مثل طلاب نتضايق من المبالغة في الاستعراض أثناء افتتاح أي معمل أو منشأة أو مشروع، أما الآن فقد آمنت تماماً بما كان يحصل، وآليت على نفسي أن أذهب عند افتتاح أي معمل أو منشأة أو مشروع ـ ولو كان لا علاقة لي بالأمر ـ وسأصفق وأحيي وأغني، وأكثر من ذلك سأمسك في الدبكة (ع الأول)، بل (سأنخ) حتى تلامس ذقني الأرض، لأننا جميعنا في هذه الحالة نعرف أية آلية وصيغة وكيف وأين ومتى ولماذا افتتحوه.

علي فوزي

النور 433 (28/4/2010)

</TD></TR></TABLE>

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30

كتاب من مدينتنا السلمية

كتاب من مدينتنا السلمية

كتاب من مدينتنا السلمية :: تعاليق