في الازدحام

من طرف علي صدران الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 11:00 am

إنّي غريبٌ في جميع العيون
إنّي غريبٌ في كلّ القلوب
وكلّما ألتقي بوطنٍ............
يهرب من تحت أقدامي
حتى صرت غريباً في كلّ مكان
أراهم يسيرون بصمتٍ.............يسيرون بجهلٍ
في هذا الازدحام
إنّي أرى أجسادهم
أكواماً من غبار السنين
أسيرُ غريباً بينهم
أحمل في عيوني........أعواماً من الحزن
وشفاهي تحتضن مقبرةً للكلمات
وهم يلتهمونني بنظراتهم
يصلبونني بين حواجبهم
أمّا أنا أسيرُ غريباً
دونما وطن
دون أن يكون لي
عنواناً في هذه الحياة
دون أن يكون لي وجوداً
لتعترف بيَ الأرض
وفي الازدحام
ينبض قلبي
ولكن لماذا لا تسمع المارّة
الصرخات..........
عليهم أطنان من الطين والوحل
والجهلُ يفيضُ في وجوههم
يشنقون الحياة في جسدي
حتّى صارت نظرات الفرح
تنتحرُ من على أهدابي
***
أشتهي أن ألتقي بعجوزٍ
ويضع يدَهُ........
فوق شعري الأشقر الطويل
ويبعث فيّ الحياة
أشتهي أن ألتقي بوردةٍ دمشقيّة
تفوح منها رائحة البشر
وأعيشُ في رحيقها
لحظةً أثيريّة........
إنّي كلمة محرّمة
أعيشُ في الصمت
وفي الصمت
أسمع نبضات الأبد
وأسألُ من خلقني؟.......
والسماء تسأل من أنا؟........
والأرضُ تنكرني
حتّى أصبح غريباً أكثر
لأسيرَ كالسّم في عروق........الازدحام
والجباه المجعّدة من حولي
تغوص بها طقوس الجهل
وخُطا أقدامهم على الأرض
تشبه......خطوات الموت على جسدي
***
بينهم أُقتَل وأُقتَل
بينهم قابلتُ بالعيون
ذلك الذي يسمّونه..........
الخوف.
كم صرت أعشق الليل
أعشق الغرقَ في الظلام
أريدك أنتِ يا أيّتها الحريّة
إفتحي لي أبوابك الخشنة
فأنا أقفُ منذُ سنين
أطرقُ هذه الأبواب
هارباً من الإغتراب
من العبوديّة
من الحزن والموت والخوف
لا أحد يعرفني
إنّي غريبٌ في كلِّ مكان
في هذا الازدحام
يأتي الألمُ جموعاً جموعاً
لتحرثَ أظافره صدري
في هذا الإزدحام
أسألُ نفسي: أتعرفينني
فتجيب: إنّي لا أعرفك
فأضحك......
لأرى قبري مضيئاً
قي حقولِ الموت
***
قد يبست جذوري
في كلِّ مكان.....
قد يبست الكلمات
الرابضة على شفاه الفرح
يصبح الليل مِحرَقةً في داخلي
حين أنظر إلى عيونِهِ
بنظراتي الهزيلة
فتأفل عيونُهُ
كأنّها لا تعرفني
كأنّها لم تكن معي البارحة
في هذا الإزدحام
أسيرُ غريباً
لأكون طعماً لنظراتهم
لأكون امتداداً للحزن
لأكون.......
أو لأجل ألّا أكون
إلّا غريباً يسيرُ في ازدحام