مولود داؤود في دائرة الضوء

من طرف شاكر شاكر الثلاثاء نوفمبر 24, 2009 9:35 am

المخرج مولود داوود في دائرة الضوء
ليس غريبا أن يكون فنانا ومخرجا مهما ومثقفا وحاملا لمشروع وخطاب ثقافي مهم .. وهو ابن مدينة سلمية المعطاءة والقابعة شرقي محافظة حماة والتي سبق لها وأن شرفت الأدب العربي والثقافي بأسماء يشار لها بالبنان ونقف أمامها بكثير من الاحترام والإعجاب والتقدير .. أمثال الماغوط والجندي وخنسة غيرهم من عظام ومفخرة الأدب والثقافة .. زد على ذلك أنه سليل عائلة أدبية وثقافية وفنية ومن بيئة يشهد لها كل أهل سلمية بذلك .. إنه الشاعر والفنان والمخرج والملحن و..و.. وقد يطول بنا الوقت لو أردنا أن نعد كل مناقبه وصفاته .. لكنه يحب أن نناديه بالمخرج مولود ومعه وأثناء وجوده في مهرجان نقابة الفنانين المسرحي الثاني التقيناه وكان لنا معه هذا الحديث ..
س1ـ كيف انتقلت من التمثيل للإخراج ؟
• ككل الذين اشتغلوا في المسرح وأنا منهم اشتغلت ضمن المنظمات الشعبية وكنت بالبدايات وأذكر هذا الأمر ليس تواضعا بل حقيقة أن العاملين بالمسرح في مدينة سلمية كانوا يستدعونني ليكملوا بي شخصيات عملهم التي كانت تحتاج لدور طفل وكنت أتلقى بعدها ( علقة سخنة ) من الوالد ومن هنا ولدت هذه العشبة وهذه (السوسة) ولغاية عام 1994 بدأت التجربة الحقيقية الأولى لي مع المخرج سامر عادلي بمسرحية رحلة حنظلة لفرقة المركز الثقافي الذي لاقى اقبالا ونجاحا باهرا وبعدها توقفت لمدة 6سنوات لأعيد النظر في تجربتي وكثفت دراساتي المسرحية والمعرفية ومتابعاتي للمسرح السوري ومنذ عام 2000 وحتى الآن لم أتوقف عن الإخراج .
س2ـ أنت متعدد المواهب .. تكتب .. تعزف .. تلحن .. تمثل وتخرج .. فأين تجد نفسك أكثر ؟
• رغم أن لي ديوان شعر مطبوع باللغة المحكية منذ عام 2001 وتعلمت العود لأني أحب هذه الآلة جدا .. وأنا ابن بيئة شعبية فجدي كان لديه منزولا يلتقي فيه كل الشعراء الشعبيين في مدينة سلمية ووالدي يكتب العتابا والشعر الشعبي وله ديوانيين ويكتب حاليا القصيد الشعبي ويعزف الربابة فحتما سيؤثر هذا المناخ والجينيات الوراثية على مايبدو لعبت دورها .. وكون المسرح أبو الفنون فكل ماذكرته آنفا يصب في مصلحته .. وأنا لاأر نفسي إلا في المسرح لأنه مكاني الحقيقي .
س3ـ انتقالك من الهواية إلى الاحتراف .. ماذا يعني لك ؟
• العملية بالنسبة لي لم تكن تعني أكثر من اثبات حالة وجود وأنني موجود على الساحة الفنية ومنضم إلى نقابة الفنانين علما أني نجاحي بالنقابة كان بصفة ممثل وليس مخرجا .. وحتى هذه اللحظة حقيقة أحب أن أكون ممثلا على الخشبة أكثر مني مخرجا ودائما أحلم أن أجد مخرجا متمكنا يعرف امكاناتي ويفجر طاقاتي على الخشبة .. ولكن كتب علي أن أكتشف هذه الطاقات وأقدمها للمسرح لأن الزمن سرقنا من أنفسنا بسرعة وصار الرعيل القادم أصغر منا وأحسست أنه بحاجة إلى من يقف لجانبه ويشرف عليه .
س4ـ تحول الممثلين المسرحيين الهواة إلى الإخراج .. هل هي ظاهرة صحية ؟
• أنا لست ضد هذه الظاهرة مبديأ .. ولكن الإخراج مشروع يحتاج للإيمان به وللقراءة الصحيحة وأعتقد أن الكم قد يفرز نوعا جيدا والصالح صاحب الموهبة والمشروعية الحقيقية سوف يبقى ويتلاشى الطالح من هذا الكم وهناك تجربة واقعية حصلت معي فأحد الشبان الممثلين الهواة عمل معي وصفق له الناس كممثل ولكن حين تصدى للإخراج فشل وسقط ولم يلق نفس التصفيق والتشجيع الذي حظي به كممثل لأنه كان لايؤمن ولايمتلك ذلك المشروع الذي حدثتك عنه .
س5ـ مواصفات المخرج الناجح ؟
• باختصار شديد .. مشاهد ذكي وهو الذي يمتلك الإدارة الناجحة الصحيحة وأن يكون على دراية تامة بإدارة ممثليه وهو الذي يأخذ ويعطي وأن يمتلك ثقافة ومعرفة واسعة ناهيك عن الموهبة التي هي أساس كل عمل ناجح .
س6ـ كيف نحقق المعادلة الصعبة عمل مسرحي .. وحضور جماهيري جيد ؟
• كلمة السر في هذه المعادلة .. المتعة والفرجة الجميلة أولا وثانيا ومن تقديم المعلومة ومانريد من عملنا وعتبي على بعض زملائي المخرجين الذين يرون أن الاضحاك وزيادة جرعات الكوميديا أمر معيب وقد يذهب ومن حسب وجهة نظرهم بعملهم منحنا آخر غير الذي يبغونه رغم أن المتعة جزء لايتجزأ من المتعة البصرية التي أراهن عليها لاستقطاب الجمهور والعودة به إلى صالات المسرح فالامتاع أمر أساسي في الفرجة المسرحية واستقطاب الجمهور المسرحي .
س7ـ ماالنص المسرحي الذي يستفزك للعمل عليه وتقديمه ؟
• النص الكوميدي الذي يحمل فكرا ومقولة وبنفس الوقت يقدم امتاعا وطرافة مع الأخذ بعين الاعتبار ابتعادي عن التهريج والاضحاك لأجل الاضحاك فقط ففي الزوجات الثلاث وانسوا هيروسترات جيّرت الكوميديا لصالح العمل المسرحي وأنا مع الكوميديا التي توجع وتدمع العين وتجلد وتسلط بنفس الوقت الضوء على أخطائنا .
س8ـ هناك رأي يقول أن المسرح يجب أن يكون نخبويا وعلى البقية التكيف والفهم ؟
• مع إيماني بأن الفن بالمحصلة لايشرّح .. لكن ربما يكون المخرج مسؤولا عن الطلاسم التي يتضمنها عمله وربما يكون الجمهور ولأن المسرح وافد جديد إلى منطقتنا عكس الشعر فمن الصعب تكوين الذائقة النقدية اتجاه هذا الفن أو ذائقة تلقي بتعبر أدق .. فأنا لست مع النزول إليه .. ولست مع التعالي عليه بنفس الوقت .
س9ـ أقرب المدارس الاخراجية لروحك ومزاجك الفني ؟
• بوشكين يقول تصنيف الفن خرّب الفن .. أنا مع كسر القوالب المسرحية المصنعة والجاهزة سلفا وأحب تقديم نفسي مخرجا لأعمالي عبثيا بملامح واقعية ومن يظن أن مسرح العبث ليس كوميديا فهو مخطىء بل قمة السخرية .
س10ـ هل اتجهت للكتابة المسرحية لافتقار المكتبة لنصوص جيدة ؟
• قد يكون في سؤالك شيئا من الاجابة .. فالمكتبة فقيرة بالنصوص التي ترضي طموحي وخطي الذي أشتغل عليه إضافة إلى أني أريد تخطي هذه التابوهات المسرحية والعمل على مشروعي فأنا قدمت كوميديا ديلارتي وانتقلت للمشهدية البصرية ومن ثم للفضاء المسرحي المفتوح وأريد أن أكرس مسرح القسوة الذي يظهر عيوبنا كما هي وكما قال أرتو يجب أن لانكذب على أنفسنا ونكون صادقين معها ونطعن انفسنا حتى نتطهر .
س11ـ لدى تصديك لأي عمل مسرحي هل يهمك تصفيق الناس أم لحبك تقديم عمل فني؟
• بكل صراحة .. لأجل تصفيق الناس .. وأدرس المفاصل التي سيصفق لها الناس .
س12ـ هل تعني لك الجوائز شيئا وهل تناسب الجهد الذي يقدمه العمل الفني ؟
• رغم أني نلت أكثر من جائزة في عدة مهرجانات لكني تنكرت لها عندما اكتشفت هذه التركيبات والتوزيعات وأقترح أن يعطى نصا واحد لأكثر من مخرج ويعملون عليه جميعا وبعدها يتم تقييم تجربتهم وتعطى على اساسها الجوائز وجائزة الجمهور تهمني أكثر وأنا سبق لي وكرستها في مهرجان الماغوط المسرحي بسلمية باستبيان للجمهور لانتقاء أفضل عرض مسرحي أول حسب آرائهم .
س13ـ هل هناك تسميات لأنواع المسارح .. تجاري .. جاد .. نخبوي .. إلخ ؟
• هناك مسرح جيد ومسرح غير جيد .. أما مابينهما لايعنيني كثيرا .
س14ـ ماذا يعني لك النقد ؟
• أنا مع النقد الموضوعي وأنا أغير كثيرا في عروضي مستفيدا من النقد وأنا مع جلسات الحوار لمناقشة العروض لكننا لانمتلك ذاكرة نقدية تجاه أي عرض نراه مباشرة لأنها ستكون مجرد قراءة نقدية انطباعية أولى وأنا مع نقد لجنة تقييم العروض ومطالبتها بالابتعاد عن المجاملات .
س15ـ أيزعجك وقوفك جنب ممثل مشهور ولايعرفك أحد رغم أنك مخرج مسرحي معروف ؟
• جدا يزعجني .. والسبب الحقيقي يقع عاتق الاعلام بكل أطيافه فلو أن المسرح يأخذ نصف الحصة الاعلامية التي يحظى بها التلفزيون لكنت رأيت نجوم المسرح كنجوم التلفزيون والسينما والطريف أحد أصدقائي بالنرويج أخبرني أنهم صدروا التلفزيون لنا كشعوب عربية وهم لايلهثون وراء فرجته بل ينتظرون أياما لحضور مسرحية والأطرف أن أحد التجار الكبار لما أخبرته ني مخرج مسرحي قال لي (الله يعينك) .
س16ـ تحت وطأة الظرف الاقتصادي الكل هرب للتلفزيون مالذي يبقيك في المسرح ؟
• يمكن أن يكون السبب بمصدر الرزق لدي كوني موظف .. لكن ثروتي الحقيقية تكمن في تقديم أكثر من 50 ممثل وممثلة لمدينتي خاصة وللمسرح بشكل عام كما أوجدت مهرجان الماغوط المسرحي بدورته الثالثة وأصبحت لدي مسؤولية كبيرة تجاه مدينتي وأسرك القول بأني تعبت وأسرتي كثيرا وهذا العام رغبت أن أسلم هذه المهام لأعضاء مجلس الادارة بفرقتي رغم ثقتي أن الأمر صعب علي جدا لأن المسرح يجري في دمي ولأن المسرح أصبح سوسة لايمكن التخلص منها بسهولة برغم كل عذاباته التي تنساها حالما ترى عرضك مجسدا على الخشبة لتقول أنك هنا .
س17ـ أتحلم بفرصة تلفزيونية تقدمك للمشاهد وتقدم فرصة الشهرة لك ؟
• طبعا .. بل وأتمنى أن أختبر بدور أبرز فيه امكاناتي ويعرفني الجمهور فيه بشكل أكبر.. لكن الموضوع بالتلفزيون تحكمه العلاقات الشخصية والشللية فعندما يرضى عليك مخرجا ما تصبح نجما معروفا وليس بالضرورة فنانا موهوبا من خلال عملية التكريس المقصودة رغم أني أدفع للنقابة نفس مايدفعه نجم كبير أجره بالملايين
س18ـ ماذا قدمت لك وماذا تعني لك مدينة سلمية ؟
• تعني لي الكثير رغم أنها ظلمتني في كثير من الأحيان ورغم أني كنت ولدا بارا بها لكنها بكثير من الأحيان لم تكن تلك الأم الرؤوم وقد لاتصدق أني أحارب فيها أكثر من خارجها وأنا أشعر أني مكرم باللاذقية أكثر مما كرمت فيها ويعود السبب إلى نجاحي ولافخر .. فللنجاح ألف عدو وللفشل صديق واحد والشجرة المثمرة أكثر تعرضا للرمي بالحجارة من الفارغة
س19ـ حلمك الشخصي .. وحلمك الفني ؟
• الشخصي أن أترك أثر وذكر طيب في آخرتي .. والفني أن أمثل سوريا بعرض مسرحي ناجح من اخراجي .
س20ـ بطاقتك الشخصية ؟
• من مواليد 1967 متزوج ولدي بنت وولد ودراستي كانت بالمعهد الصحي اختصاص تحاليل مخبرية وموظف منذ 22 عاما (ضاحكا) وبقي لي 3سنوات وأتقاعد وزوجتي معلمة صف
س21ـ مالسؤال الذي لم أسأله وتمنيت أن أسألك إياه ؟
• أن تسألني عن الحركة المسرحية في حماة .. وأنا أحب أن أشير إلى أن هناك طاقات خلاقة وكوادر مبدعة في حماة لكنها تحتاج إلى إدارة فمديرية الثقافة في وادي ونقابة الفنانين بواد آخر وإن صارت أنشط بالريف أكثر من مركز المدينة ولكن هذا كله يصب في مصلحة المحافظة ومن بعدها الوطن الأكبر سورية وأحب أن أشكر محافظ حماة الحالي السيد عبد الرزاق القطيني الذي يدعم وبشكل حقيقي الحركة الثقافية عموما والمسرحية بشكل خاص ورئيس فرع نقابة الفنانين بحماة معمر السعدي لم يقصر ناحيتنا أبدا في أي طلب نطلبه كما يجب أن لاننكر الفعاليات الاقتصادية ي سلمية التي تقف معنا في مهرجاناتنا المسرحية .
س22ـ كلمة أخيرة ؟
• كل الشكر لصحيفة الوحدة على تغطيتها الواسعة لأيام المهرجان المسرحي ولإلقائها الضوء على أعمالنا وتعريف الناس بنا وأتمنى أن تبقى منارة اعلامية مضيئة في سماء الصحافة وكل الشكر لك لأنك مسرحي تعرف هموم المسرحيين وتعرف انتقاء أسئلتك الصحفية بشكل جيد .

حاوره : شــــــاكر شـــــاكر