ليلةُ الفراق

ليلة الفراقمن أكثر أيام الأسى والحزن كانت ليلةُ الفراق حتى صدى صوتي اختفى وماتت كُلُ الأشواق وداريتُ شذى الألم في عروقي وغفيّت الأيام في الحنين.
فلم أشكي ولا في رحلتٍ ودعتني يا أملي المعاق, فخسرتُ أغلى من في دنيايّ وخسرتُ الكلمة والأوراق وغادرتِ يا أعين الشمس ولم يبقى لي ولا أملٌ للحياة.
ولم يعرف أحدٌ بعدك كيف أبكي ولا كيف يضحك وجهي, حتى جروحكَ التهبت في نار الذكريات المحترقة فماذا أفعلُ إن أكلتُ تأوهاتي وأسكنتُ الألم في أحشائي.
فربي الباقي ليصبر قلبي بما كتبهُ كتابي من قدر, فرحلتُ على آخر العالم وكنت ولن يكون غيرك, ففي وريدي يمشي حُبكَ يحيّ دمي الميت بعدما قتلهُ الغدر.
فروحي اختارتك وقدري كان أن أقف عندك, وتبقى الهارب وأنا أنوحُ على شواطئ أمام الموجات أتلعثمُ في أحرفي الحزينة فما بعد الدموع التي تبكي من جمر القهر والحرمان.
ولم أعرف لأيامي طريقاً يأخذني إلى الدنيا وأحتارُ في كل ما أحلمُ فيه ويموت, فأكتبُ ألمي وأحررُ صمتي وأبكي كل دموعي في كُل ليلة فلا يرحلُ حزنكَ منها.
فلا ندم يعيد الأيام, ولولا عرفتَ أن للأيام لحظة فراق لما أبكيتُ عينيك ولا خفتُ أسألتهم فأين أنت؟! لا في السماء ولا في الأرض!!
هل أنت في أنين الشموع, أم في قلبي الموجوع, أم في بقايّا الدموع؟!
فأهدأ يا قلبي وحنن أبواب منزله حتى تُفتح لهُ عندما يأتي جسدهُ يُقبلُ قبرهُ ويحيّه فوق نعشه يحضنُ دموع عينيّ أهله الباكية على غيابه.
فالزهورُ تشربُ من دموعها لتحيّى فوق قبره المزين بالفراق, وشموعي تنام الليالي وتغرقُ في دموعي وترحمهُ وتناديه والليل يطولُ مع طول فراقه.
ويقصرُ عمري من فاجعة الانتظار.. فلن يعود ولا حلٌ يُصبرُ صرخات قلبي التي تدعيني عنده فماذا أتكلم.. ماذا أخبر أم ماذا؟! حتى النسيان نسيّ أن ينساني مع حُبك الباقي للذكرى.
تكتبُ على حائط الجنة وزخارفُ أسمائنا تخرجُ نوراً لحجرات النار وتعطي من حنينها جمرات الحب لتحرق الحياة, لأن أرواحنا متناثرة وحُبنا واحد فمكاننا في جنات الحُب الملونة بألوان العشاق.
ليلةُ الفراق... بقلم الكاتبة فاتنة نورس مزيد ـ بمناسبة مرور السنة الأولى على موتي الأول ـ . في 24/9/2008 تمام الساعة الخامسة مساءاً.