التجربة الفيروزية الجزء الثالث

كثير منا عندما يسمع اسم فيروز يقترن في خاطرنا صورة فيروز مع الاخوين رحباني
ولكننا لانستطيع ان ننسى ان هناك وبموازاة هذا الخط الرحباني خط اخر يضم نخبة من كبار

الملحنين الذين لحنوا لفيروز
حيث قام فيلمون وهبة بتزويد فيروز بسيل من الالحان حيث ان صوت فيروز اخرج من فيلمون

كنوز دفينة بالاضافة الى المستوى الفني الرفيع الذي تميزت فيه اشعار الاخوين رحباني الغنائية

مما يحرك في الملحن كوامن دفينة لايمكن ان يحركها الكلام العادي او المعاني المطروقة
ورغم ان الاخوين رحباني لم يعطوا فيلمون وهبة اكثر من لحن في المسرحيات لكن فيلمون

استطاع ان يتألق ويتميز في الحانه وعرض من خلال المسرحيات افضل قدراته اللحنية وكانت

اغانيه محببة للناس وقريبة من قلوبهم وذلك بسبب طاقة الشجن المتدفقة في المقامات العربية

التي استخدمها

ولقد جاء تعاون فيلمون مع فيروز في قمة التفجر الكبير للرحابنة وفيروز ولكن تعاون فيروز مع

زكي ناصيف جاء متأخراً وذلك بسبب الخصومة الفنية والتنافس الفني التي لم تسمح لهذين

الفنانين بالتعاون واخر في تفجير صوت فيروز لمواهب زكي الفنية وتحريك الحان زكي البالغة

العذوبة لبعض لآلئ صوت فيروز والتي لم تلمع الا بعد الابعد تعاونها مع زكي ناصيف وكانت

قمة تعاونهما في قصيدة رائعة بعنوان (في ظلام الليل مات اهلي) حيث جمع الشاعر جوزيف

حرب مقتطفات جبرانية(فلسفية-وطنية ) فارتقت الى مصاف احدى اعلى ذرى الموسيقا العربية

الدرامية في القرن العشرين وان كان هذا اللحن قد لقي مصيراً اعلاميا قاتماً فجردته الاجهزة

الاعلامية من قيمته الموسيقية والغنائية الرائعة ووضعته في خانة الغناء الوطني ولم يذاع الا في

المناسبات العابرة حتى ان فيروز احجمت عن غناءه (لاسباب غير معروفة) مع ان زكي لم يترك

في هذا اللحن الطويل والفني مساحة اصلية او فرعية في صوت فيروز لم يستخرج منها اجمل ما

في اعماقها من احساس

اما اخيرا نصل الى تجربة فيروز مع المبدع محمد عبد الوهاب

ففي لحنه الاول لفيروز (سهار بعد سهار) مارس عبد الوهاب تجربة فريدة معها
فصاغ لها لحناً يتجاور فيها الاسلوب الرحباني مع الوهابي
ولكنه بعد ذلك زود فيروز بلحنين خالدين من اروع ما انشدت في حياتها على قصيدة

لجبران خليل جبران (سكن الليل) والاخيرة على شعر لسعيد عقل (مربي) وقد اضيفت الى

قصائدها الغنائية التي كانت تحيي فيها الشام ان من يستمع الى هذين الحنين يشعر ان صوت

فيروز المليء بالجواهر قد وضع بين امهر صاغة الموسيقا فاستخرج اجمل ما فيها من احاسيس
وادتها فيروز بكل عذوبة وشفافية

ان حنجرة فيروز كالبحر المليء بالآليء حيث استاع ملحنوها الغوص في هذا البحر والخروج

بأجمل الآليء واروع الكنوز.

مشكورة كتير متل زهر البيلسان موضوعك رائع

وفيلمون وهبي من أكتر المبدعيين الي بينّوا الدرر الي موجودة عند فيروز

الله لو في اليوم متل فيلمون أو نصري أو عاصي ومنصور

فعلا زمنهم كان زمن المبدعين